محمية سالوجا و غزال

2019/04/15 12:34 م
فى الوقت الذى قررت فيه وزارة البيئة فتح المحميات الطبيعية أمام الزوار بالمجان خلال أيام عيد الأضحى، يتوقف كثير من المصريين فى معرفة معلومات مهمة عن هذه المحميات، التى قد تدفعهم إلى رغبة الزيارة إلى هذه المحميات المنتشرة على أنحاء جمهورية مصر العربية.
 
 
 
 
 
أسوان محافظة ذات طابع خاص فى المواقع الطبيعية الخلابة، وتعد محطة جذب ولفت انتباه أنظار العالم للتمتع بسحر الطبيعة ورمالها الساخنة، ومن أشهر هؤلاء الذين حضروا إلى أسوان وارتبط عشقهم بها حتى دفنوا فى رمالها، هو الإمبراطور اليابانى الأمير الراحل تاكامادو، ولى عهد اليابان آنذاك، والذى قضى أسعد أيامه حياته فوق جزيرة سالوجا وغزال بجنوب أسوان، وتخليداً لذكراه أقامت اليابان مركزاً بمحمية "سالوجا وغزال" واحدة من أجمل المحميات الطبيعية، وأصغرها حجماً.
 
 
 
"سالوجا وغزال" المحمية التى تحظى بأهمية كبيرة نظرا لوقوعها فى أحد مسارات هجرة الطيور فى فصل الشتاء، لذلك أصبحت مقصدا لجميع الباحثين والعاشقين لرصد الطيور على مستوى العالم.
 
 
 
معنى سالوجا وغزال
 
الدكتور أبو الحجاج نصر الدين، مدير عام المحميات الطبيعية بأسوان، قال: "أخذت المحمية مسماها منهما، وكلمة "سالوجا" تعنى الشلال باللغة النوبية، وتتكون من مقطعين هما "سا" ومعناه منسوب النيل، و"أوجا" ومعناها ضوضاء المياه، أما غزال، فهو اسم لأحد النباتات القديمة، التى كانت تنمو على هذه الجزر وليس الحيوان المعروف".
 
 
 
أصغر محمية طبيعية فى مصر
 
وأضاف مدير عام المحميات الطبيعية بأسوان، تبلغ مساحة سالوجا وغزال، 55 فداناً لذلك تعد واحدة من أصغر المحميات الطبيعية الموجودة فى مصر، وتقع المحمية على مسافة قدرها 3 كم تقريبا شمال خزان أسوان، وتم إعلان تلك الجزر كمحمية طبيعية بقرار رئيس الجمهورية رقم 928 لسنة 1986، مشيراً إلى أنها تتسم بسحر خاص بما تحتويه من مناظر طبيعية خلابة تأخذ قلوب روادها، ويتيح موقعها المتميز فى وسط النيل الفرصة لمشاهدة تدفق نهر النيل من الجنوب إلى الشمال كما كان يحدث منذ ملايين السنين.
 
 
 
وأوضح الدكتور أبو الحجاج نصر الدين، بأن جزر سالوجا وغزال تتميز بطبيعة خاصة وهى تباين بيئتها ما بين مناطق رملية وصخور جرانيتية وترسيبات طينية مما يثرى التنوع البيولوجى، حيث تتميز كل منطقة بأنواع معينة من الكائنات الحية التى تعيش فيها، كما أن هذه المحمية تحتوى على البقية الباقية من نباتات وادى النيل التى ذكرت فى الأساطير القديمة والمرسومة على جدران المعابد المصرية.
 
 
 
شجرة الست المستحية
 
المهندس حسنى حلمى، مدير محمية سالوجا وغزال، أضاف أن التنوع النباتى بالمحمية مدهش للغاية رغم صغر مساحتها، حيث يبلغ عدد الأنواع النباتية فيها أكثر من 120 نوعاً من أهمها خمسة أنواع من أشجار السنط وهى "القرض، والسيال، والخشب، والطلح، والخروب"، بالإضافة إلى أشجار الحنة والنبق والعبل والبوص، علاوة على شجرة "الست المستحية" التى تتميز بالإحساس الشديد وتنكمش أوراقها حينما يلمسها أى شخص كنوع من أنواع الدفاع، والتفسير العلمى لهذه الظاهرة هى أن النبات يسحب الماء من الأوراق إلى الساق حينما يشعر بالخطر.
 
 
 
تعود تاريخ الصخور بها لأكثر من 500 مليون سنة
 
المهندس محمد زكى، باحث بيئى بمحمية سالوجا وغزال، يتابع الحديث قائلا: "المحمية تقع على الجندل الأول من نهر النيل من بين ست جنادل موجودة فى مصر والسودان، وتعتبر المحمية بمثابة مرحلة الشباب والنضوج لنهر النيل نظرا لقوة وسرعة اندفاع المياه وضيق المجرى المائى ووجود عدد كبير من الجزر الصخرية فى هذه المنطقة، موضحاً بأن تاريخ الصخور الجرانيتية الموجودة بالمحمية يعود عمرها إلى أكثر من 500 مليون سنة، وتتميز بوجود ظاهرة الورنيش النهرى وهى لمعان الصخور بشكل واضح وكأنها ملساء وبراقة علاوة على وجود العديد من الحفر الوعائية بالمكان والتى تمثل قيعان نهر النيل، علاوة على أن احد مميزات المحمية هو وجود محجر قديم تم استخدامه فى بناء التعلية الثانية من خزان أسوان عام 1934.
 
 
 
هجرة الطيور
 
وأضاف " كى" أن منطقة رصد هجرة الطيور هى أبرز مميزات محمية سالوجا وغزال، حيث يتراوح عدد الطيور فى مصر ما بين 500 إلى 520 نوعاً، ويوجد فى محافظة أسوان وحدها حوالى 230 نوعا من الطيور أى ما يعادل نصف الطيور الموجودة فى مصر تقريباً، بينما يبلغ عدد الطيور التى تم رصدها فى سالوجا وغزال حوالى 138 نوعاً، نظراً لوجود البيئة المناسبة للطيور وتوافر الغذاء فى الأراضى الرطبة المحيطة بالمحمية، مشيرا إلى أن العديد من السائحين والباحثين الأجانب خارج مصر يدركون الأهمية الكبيرة لمحمية سالوجا وغزال فى مجال رصد الطيور لذلك يتوافدون عليها فى موسم الشتاء لرصد هذه الأنواع المختلفة من الطيور المهاجرة، لذا تم إنشاء محطة ترقيم الطيور بالتعاون مع الخبرة البولندية فى هذا المجال لدراسة الطيور وذلك منذ عام 2003، وحتى اليوم.
 
 
 
الأمير "تاكامادو" ولى عهد اليابان
 
كل هذه العوامل صنعت من الجزيرة موقعاً فريداً باعتبارها واحدة من أهم المراكز السياحية لمراقبة الطيور، التى تجذب كل عشاق هذا النوع من السياحة المراقبة، وكان أشهرهم الأمير الراحل "تاكامادو"، ولى عهد اليابان، الذى كان يعشق ممارسة هوايته المفضلة فى مراقبة الطيور النادرة فوق الجزيرة، وظل سنوات يكرر زيارته لها، حتى أصبح وجوده فيها يمثل نوعاً من العلاقة الخاصة.
 
 
 
وعقب وفاته حرصت اليابان على إقامة مركز زوار الأمير "تاكامادو"، تخليداً لذكراه، ورمزا لمجهودات جمعية الصداقة المصرية اليابانية فى حماية البيئة.
 
 
 
وكما تؤكد زوجة الراحل، يهدف إنشاء المركز أيضاً إلى تدعيم العلاقات المصرية اليابانية، ورفع الوعى البيئى لطلاب المدارس المصرية، ووضع المحمية على الخريطة السياحية العالمية، خاصة لهواة سياحة مراقبة الطيور النادرة التى تموج بها الجزيرة.