منطقة آمون رع

2019/04/14 06:21 ص
 
ذكر الاله آمون مع زوجته مونت فى متون الاهرام (رقم 446) باعتباره الهاً أزلياً ولكن لم يكن معبوداً مغموراً من بين المعبودات المحلية التى انتشرت فى الأقاليم المختلفه وأشير إليه كإله خالق ضمن مذهب مدينة الاشمونين كعضو من أعضاء الثامون فيها . وأشير اليه على انه فى الاصل الاله مين ، فهذا الاله الكبير الذى عبد فى تلك المنطقه التى تقع بين اخميم وقفط ، وبين طيبه وأرمنت ، ويمثل هذا الاله واقفاً وقضيبه منتصباً وعلى رأسه ترتفع ريشتان عاليتان رافعاً رافعاً ذراعه الايمن وقابضاً على السوط المثلث الفروع وكان يعتبر اله الاخصاب الذى يسرق النساء ، وسيد العذارى ، واذا كان هذا الاله قد أخصب أمه فان هذه الصفه كان يتميز بها فى الاصل اله الشمس "رع" وهكذا نجد باستمرار كيف ان الالهه فى مصر تتصف بصفات بعضها البعض وكيف يؤثر الواحد على مميزات الآخر .وقد احتفظ ذلك الإله العظيم بمركز الاله القومى لعدة قرون ولكن لم ينل الاله آمون تلك الشهرة الا ابتداء من الدولة الوسطى أو قبلها بقليل فقد ورد ذكره ضمن نصوص الملك " منتوحتب الثالث " أحد ملوك الاسرة الحاديه عشرة .ومنذ الاسرة الثانيه عشرة بدأ صيت " آمون " يعلو بمدينته الأولى طيبة والتى كانت فيما مضى منتسبة للاله " منتو " اله الحرب الطيبى القديم والذى كان ملوك الاسرة الحادية عشرة قد تسموا بأسمه وحملوا لواء الجهاد فى سبيل تحقيق الوحده الثانيه للبلاد تحت رايته وكان نصرهم هذا ايذاناً ببدء عصر جديد غدا فيه " مونتو" اله الحرب الاله الاعلى فى البلاد.ولسبب غير واضح فأنه مع بداية الاسرة الثانيه عشرة أصبح الاله " آمون " الاله الاسمى فى البلاد ابتداء من عصر الملك امنمحات الاول مؤسس الاسرة الثانية عشرة .وربطت النصوص بين مدينه طيبة وبين معبودها الاصلى " آمون " حيث وصفته النصوص بانه " رب وسيد المدينه " وللعالم أجمع فوصفت المدينه بأنها مدينة " الاله آمون " . وخلال عصر الدولة الوسطى يتضح ان " آمون " كان يمنح الفرعون الحاكم الحياة والاستقرار فوق العرش وبالتالى لم يزد عمله عن مجرد هذا الدور ولم تكن مهامه عظيمة نحو الدولة والفرعون مثل ذلك الدور الذى وجد فى عصر الدولة الحديثة ، وقد لقب فى رحاب معبد الكرنك " Imn nb nswt t3wy" بمعنى " آمون سيد عروش الارضين "وقد اعتبر انه قد تم اختيار الاله " آمون " وزوجته " امونت او موت " بصفه خاصة من بين ثامون الاشمونين ذى الأصل الطيبى على اعتبار أن هذين الزوجين قد ظهرا الهين عظيمين من بين عناصر الخلق الأخرى فى المذهب الطيبى فى حين لم يكن الاعضاء الباقون سوى هيئات مقدسة لم تنل شهرة " آمون " حتى نهاية العصور المصرية القديمه وعبر المذهب الطيبى عن مدينه " آمون " المختارة بتعبيرات شعرية ربطت بين معبودها " آمون " وبين " رع " فى صوره وهيئاته فقد اعتبرت طيبة هى " عين رع " التى خرجت من المحيط الازلى " نون " وبعدها خلق البشر ، والمواقع الباقيه حولها وشمالها وجنوبها والعالم المحيط مثلما خلق " آمون " نفسه وبعدها ذرء من نفسه البشر . كما اعتبر " آمون " القوة المحركه للعالم للمحيط وقد اتصف بصفات غاية فى التفرد والتميز هى القدرة الفائقه على الخلق ودوره البارز فى عملية الميلاد والحياة الدائمة فهو " رع " نفسه الذى يضىء العالمين بضياه دون ان يأفل أبداً.
 
 
الإله "آمون" و"ثامون الأشمونين" :
 
يسمى إقليم الاشمونين " أونو " او (ونو – ونوت - ونه) بمعنى اقليم الارنب وهو الاقليم الخامس عشر " خمنو " من أقاليم مصر العليا ويمتد حوالى 48 ميلاً شرق وغرب النيل فيما بين الشيخ طماى والشيخ عبادة شرق النهر ، وفيما بين ابو قرقاص وقرية باويط الحاليه على حافه الصحراء غربى ديروط ، وغرب النهر وكانت عاصمة الاقليم " الاشمونين الحاليه " على مبعدة 10كيلو متر شمال غرب ملوى (45 كيلو متر جنوب المنيا – 310 كيلو متر جنوب القاهرة ) ، وهى فى اللغه المصرية تعنى " خمنو" او " خمون " بمعنى مدينه الثمانيه ، وهو أصل تسميتها فى القبطية " شمنو " او " شمون " كما سميت كذلك فى اللغه المصرية القديمه " بر جحوتى " اى مقر عبادة المعبود " جحوتى " معبودها الرئيسى وايضاً اسمها الديني ، بينما كان اسمها المدنى هو " ونوت " .
 
وكانت الاشمونين مركزا دينياً هاماً منذ فجر التاريخ ، وقد قامت بدور هام فى تطور الديانه المصرية القديمه ، ففيها نشأت المدرسة الثانية من مدارس النشأة الاولى للخليقه فى مصر (مدارس : عين شمس ، الاشمونين ، منف) .هذا وتتفق نظرية الاشمونين الدينيه او الثمانيه مع نظرية عين شمس او التاسوع فى أن العالم كان محيطاً مائياً اسمه " النون " ولكنه تختلف عنها فى " اله الشمس " هنا لم يخلق نفسه بنفسه وانما انحدر من " ثامون " مكون من أربعه أزواج على هيئة ضفادع وحيات خلقت بيضه ووضعتها فوق مرتفع على سطح " نون هرموبوليس " ومن هذه البيضه خرجت الشمس ، فهذه العقيدة تنتهى الى الشمس ولكن لا تبدأ بها والشمس ولدت فى "هرمو بوليس " وليس فى " هليو بوليس " ومن ثم فان السياده يجب ان تكون من حق " هرمو بوليس " وليس من حق " هليو بوليس " ، ولعل من الاهميه بمكان ان هناك من يذهب الى ان المعبود " آمون " انما كان موطنه الاصلى فى الاشمونين وان ملوك الاسرتين الحادية عشرة والثانيه عشرة هم الذين أتوا به الى طيبه " الاقصر حالياً " ثم اخدت شهرته تنتشر حتى طغى على جميع المعبودات المصرية ، على انه هناك وجهاً آخر للنظر يذهب الى اننا لا نملك اى دليل اثرى واضح على وجود " آمون " فى اقليم " خمنو " ( الاشمونين) الا على ايام الاسرتين التاسعه عشرة والسادسه والعشرين ، بينما هناك ما يؤيد وجوده فى طيبة منذ الاسرة الحادية عشرة بل ان دوماً ما يذهب الى ان " آمون " قد ذكر فى طيبة للمرة الاولى على أثر يرجع الى عهد الملك بيبى الاول من الاسرة السادسه . 
 
 
نظرية نشأة الكون الطيبية - " نموذج للتركيب " :
 
هل كان اله طيبة العظيم عضواً كامل الصلاحية فى الثامون ، أياً كان أصله ؟.. كان الربط بين اله الكرنك وسميه فى الاشمونين مغرياً ، ولا تعود أمجاد " آمون" وعظمة شأنه الى أصول التاريخ المصرى ، والكيان الذي جاء ذكره بهذا الاسم فى متون الأهرام (ثلاث مرات فقط ) هو بلا شك المبدأ المنتسب إلى الثامون لا إلى سيد مصر فيما بعد ، ولم يشهد اله طيبه انطلاقته الا بدءاً من الاسرة الثانية عشرة عندما هيمن على مجمع الأرباب المصري .
 
وقد بنيت نظرية نشأة الكون الطيبية أنطلاقاً من اسهامات أشمونينية وعناصر أولية ، ومع ان هذا النظام اللاهوتى قد صيغ بلا شك منذ عصر الدولة الحديثة الا انه لم يعرض بوضوح الا فى العصور اليونانيه الرومانيه والكيانات السالفه ، تجسيدات لآمون الاول الذى أخذ شكله النهائى عند نشأة العالم .
 
أما عن نص النظرية فيروى " أنه قد ظهر ثعبان فى النون فى بداية الزمن ونشأ فى طيبة حيث أنبثقت الاكمه الاولية واستهل هذا الثعبان المسمى (كم ات اف) ومعناه الحرفى (الذى اكمل زمانه) عملية الخلق ، وعندما انتهى " زمنه " ترك مكانه لـ (اءرتو) اى (الذى صنع الارض ) باستخلاصه من جوهره الخاص وعندئذ دخل (كم ات اف ) فى سبات عميق واستراح حيث نشأ أصلاً ، وقد افتتح بذلك مقبرة الآلهه الموتى فى طيبة الواقعه فى " جامى " العتيقه المعروفه الان باسم " مدينه هابو " ، وعكف " ارتو " وهو أيضاً على شكل ثعبان على خلق الكون فأنجب الارض بالطبع ومعها كذلك أعضاء الثامون ، وسبح هؤلاء حتى الاشمونين حيث أنجبوا الشمس ، ثم بلغوا " منف " و" أون " حيث أنجبوا " بتاح " و " آتوم " ، ويتيح ذلك التدخل فى النظم الدينيه المصرية الموغله فى القدم اخضاع الآلهه الكبار لآمون .
 
وبعد ان انهى الثمانيه مهمتهم عادوا الى طيبة وقد أنهكوا قواهم ، وانضموا الى كلاً من (كم ات اف ) و (ارتو) فى سباتهما العميق تحت اكمة " جامى " ، وأقيمت فى ذلك الموقع عبادة الاشكال الاولى لآمون الذى كان يعبر النيل كل عشرة أيام لكى يصون رمزياً حياة " أسلافه " الكامنة . 
 
رأى آخر : 
 
فتعتبر مدرسة الاشمونين من تخريج مدرسة منف لأن أول الكائنات فيها هو " تاتنن " خالق الآلهه الثامنية وخالق البيضة التى خرج منها اله الشمس ،فهو جد الآلهه جميعاً ، أما الالهه الثمانية فكانوا عبارة عن آلهة تمثل أربعة ذكور فى هيئة " الضفادع " واربع اناث فى هيئة " الحيات " وكل زوج منها يمثل مظهراً من المظاهر التى كانت تسود العالم فى البداية ، فالزوج الاول هو " نون ونونيت " ويمثل الفراغ اللانهائى ، والزوج الثانى هو " حوح وحوحيت " ويمثل الماء الازلى ، والزوج الثالث هو " كوك و وكوكيت " ويمثل الظلمة ، اما الزوج الرابع فهو " آمون و آمونت " وهو يمثل الخفاء.
 
اندماج "آمون" و"رع":
 
بقيام الأسرة الثانية عشرة اكتسب آمون أهمية بالغة فى المقاطعة ، اننا نتساءل من اين جاءت هذه الاهميه له ؟ وقد كان الاله مغمور فى طيبة الصغيرة فى نهاية الدولة القديمه ،ونستطيع ان نتبين ذلك مما ورد عنه قديما فى نصوص الاهرام فمما يسترعى النظر انه منذ ذلك العصر البعيد كان اسمه يتبادل فى صيغه مغايرة مع اسم اله قفط " مين " بل انه فى بداية الدولة الوسطى يصبح التمييز بين آمون ومين فى معبد استراحه سنوسرت الاول فى الكرنك ومع ان النقوش كانت تستعير فى كثير من الاحيان صورة الاله " مين " فان اسمه لا يظهر على الاطلاق ويدعى الاله على 
الدوام " آمون " أو " آمون رع " ، وتشير هذه التسمية الاخيرة الى حدوث امتزاج منذ نهاية الدولة القديمه وفى الواقع يقرأ المرء على ظهر تمثال صغير من الحجر الصلب عثر عليه فى الكرنك ، اسماء الملك " ببى الاول " يتبعها ذكر (المحبوب من آمون رع - سيد طيبه ) ومن الجائز ان الملك وقد أراد كذلك ان يستحوذ لنفسه على الانساب لآلهة مصر العليا فقد عمد الى تشبيه آمون بأبيه "رع" وكان من شأن العملية ان تكون اعظم يسراً بما ان اسم الاله يطابق الاصل المصرى "Imn" بمعنى الخفى ، وكان هذا الاله الخفى يمكن ان يتجلى فى كثير من الاشكال وفى شكل " رع " على الاخص او شكل " مين " ، وعلى اية حال فاننا نجهل المعنى الاول لاسمه ،ولقد قوبل باللفظ البربرى الليبى " امان" " Aman" بمعنى ماء ولكن هذا يعتبر مجرد تشابه صوتى،ويمكن ان يعزز هذا التقريب ارتباط احد حيوانات " آمون " المقدسة وهو " الكبش " بعبادات الخصوبة فى الصحراء ، على ما يبدو أنها حقيقه واقعه ان علماء اللاهوت فى طيبة قد كشفوا عن قدرة رائعه فى وضع النظريات ، لقد امكنهم ان يستغلوا تماماً الخاصية التى يهيؤها اسمه " الخفى " وتعرفوا هويته فى أعظم الالهه قدرة فى جماعه الالهه المصرية وأفادوا من افكار " هرموبوليس " " الاشمونين " ، عن خلق العالم ، وبما انه واحد من أعضاء الآلهه الثمانيه فى " هرموبوليس " كان يحمل نفس اسمه فقد جعلوا منه آلهاً أزلياً .
 
ويتميز هذا الثالوث الطيبى بقدرته على ان يجمع بوضوح العناصر الثلاثه الرئيسية للخليقة السرمديه حول " آمون " فقد ارتبط سيد الكرنك منذ أيام الدولة الوسطى بأشكال الهية على صلة بالشمس والخصوبة ، وهو يقدم نفسه فى آن واحد كـ " آمون رع " منتحلا بذلك حقوق الاله الخالق فى " أون " ومثل " كا موت اف " اى " ثور أمه " ،وقد وصف " آمون " صورة الكبش وارتبط بـ " رع " فأصبح "آمون رع " الاله الازلى - الخالق ، خالق الالهه والبشر ، ولعل ارتباطه بـ " رع " جعل منه الهاً رئيسياً ، حيث كان " رع " الاله الاعلى منذ بدء العصور التاريخيه المصرية القديمه ، فكان اندماجه بأى اله يجعل له شأناً عظيماً ويعتبر تكريماً لهذا المعبود المندمج معه من ناحية ، ثم لوضع صفات الاله الجديد المندمج مع " رع " موضع التطبيق من ناحية أخرى ، وبذلك انتقلت صفات " رع " " لآمون " فأصبح راعياً للملوك وللبشر يحيا الملوك تحت لوائه ويستنصرونه وقت الكرب ليشد من أذرهم ن وأظهرته النصوص كريماً مع الفراعنه فى ذلك فأيدهم بالنصر ، وبهذا فقد كان لزاماً على اولئك الملوك ان يردوا الجميل لذلك المعبود الأسمى ، فشيدوا بأسمه المعابد الضخمه والمقاصير الفخمه التى قدس بها المعبود الاعلى للبلاد.
 
أمون وثالوث طيبة : 
 
بالرغم من ان المعبود " آمون " كان أحد افراد ثامون الاشمونين المقدس ، وكان يعتبر الهاً أزلياً ، الا ان ذلك لم يمنعه من ان يرتبط على غرار جميع الالهه المحلية بجيرانه ، ليكون معهما ثالوثاً .ويتكون ثالوثه من الزوجه " موت " والابن " خونسو " اله القمر ، وقد شيدت لهم معابد الاقصر والكرنك .وكان الحيوان المقدس للمعبودة " موت " هى انثى العقاب ، وكلمة " موت " تعنى الام ولعلها كانت" الام النموذجية " وكانت تقيم في مكان قريب جداً تحيط به من ثلاث جهات بحيرة لها شكل شبه دائري وتسمى " أشيرو " وهو اسم البحيرة التى كانت تقع الى الجنوب من معبد " آمون " بالكرنك وقد أطلق على الحى الذى اقيم بالقرب من تلك البحيرة والذى كان يحوى معبد " موت " .وقد عدت " موت " قرينته ونسبت لهما ابناً هو " خونسو " الذي كانت شخصيته مزدوجه ، على الاقل قى العصر المتأخر ، حيث ذكر انه " خنسو فى طيبة نفر حتب " و " خنسو الذي يحكم فى طيبة ".
 
الهيئة الآدمية لآمون :
 
لما استولى أمراء طيبة على عرش مصر وأسسوا الاسرة الحادية عشرة ارتفع اله هذا الاقليم الى مركز السياده حتى تساوى مع اله الشمس وذلك بعد اندماجه معه وكان هو " آمون " الذى كان أصلاً معبود الريح حيث خاصية الخفاء ، ثم عبد فيما بعد كتجسيد لقوة الطبيعه المنتجه وكمعبود للتناسل الجنسى ن ويمثل عادة على هيئة رجل ملتح يضع فوق رأسه ريشتين وذراعه اليمنى مرفوعه تمسك بسوط ثلاثى وعضو تناسله منتصب ، او يكون ماسك بيده صولجان الالهه " W3S" ويده الاخرى الى جانبه ويرتدى نقبة قصيرة .
 
ولكى يؤمن كهنة طيبة مركز الصدارة لآلههم قرنوه كما سبق الذكر بآله الشمس القديم ، ومن هنا عرف تحت اسم " آمون رع " اله الدولة والاب الالهى لملوك الاسرة الثامنه عشرة والاسرات التاليه ، " و آمون رع " ملك الاله هو الذى ساعد امراء طيبة على طرد الهكسوس المكروهين ملوك الرعاة من مصر.
 
وساعدهم على تاسيس الاسرة الثامنه عشرة و " آمون رع " هو الذى ساعد ابنه الفرعون على الانتصار فى حملاته الخارجيه وعلى اخضاع سوريا وفلسطين والنوبة لجيوشه الفاتحه ، واننا لنرى الفرعون " تحوتمس الثالث " الذى كسب لمصر امبراطوريتها الاسيويه ، يقف امام " آمون " فيخاطبه قائلاً " انت تأتى الي وتسعد حين تشهد مفاتنى ، أى بنى وحارسى (من خبر رع ) الذى يعيش للأبد ..... انا اضيء حباً لك وقلبى يسعد بقدوك الجميل الى معبدى ويداى تفيضان الحماية والحياة على اعضاءك ، لقد جئت لأجعلك تطأ أمراء فلسطين ...
اننى انثرهم تحت قدميك فى اتجاه بلادهم...
اننى أدعهم يشهدون جلالتك كسيد للاشعاع ...
انت تضىء فى وجوههم...
لقد أتيت حتى أعك تطأ اولئك الذين فى أسيا ...
انت تضرب رؤوس آسيوى " رتنو" ...
انا اجعلهم يشهدون جلالتك مزوداً بكامل عدتك الحربية حيث تمسك بأسلحة الحرب فى عربتك..."
وحين كان يعود كل فرعون بالغنائم والجزية ليملأ خزائنه ، كان يضيف مبنى وراء مبنى لبيت " آمون " فى طيبة حتى آصبح أكبر هيكل فى العالم القديم .
ولم يلقى " آمون " تقديره فى مصر وحدها بل ان هناك معابد بنيت تكريماً له فى فلسطين وسوريا فى الشمال الشرقى و فى النوبه فى الجنوب ، وأما فى مصر فأن كهانته سرعان ما أصبحت أقوى العوامل السياسيه (1).
ويدل الحج الى معابده والاموال الكثيرة التى كان كهنته يتمتعون بها والسلطة التى لرؤساء كهنته على كثير من وظائف الدولة ، على ان " آمون " قد انتزع السلطة والهيبة من آلهة الدولة الاخرين ، غير ان بذور سقوطه كانت كامنه فى تعاظم سلطانه ، اذ استاء الكثير من رجال كهنوت العبادات الاخرى ، وحتى الملوك أنفسهم وجدوا انهم صاروا يعتمدون كثيراً على كهنة " آمون " ولا شك فى أن فترة (العمارنه) لم تكن سوى تحذير،ولكنها ساعدت العبادات الاخرى التى جار عليها "آمون " فى ان تظهر من جديد فى الاسرات التالية .
ومع ذلك فقد احتفظ ذلك الاله الطيبى العظيم بمركز الاله القومى لعدة قرون – كما سبق الذكر – ووجد كهنته العظام أن بوسعهم ان يعينوا أنفسهم ملوكاً وان يديروا الأمور بواسطة وحى الههم ، وانتشرت عبادته حتى الواحات الليبية ، واتخذ ملوك النوبة " آمون " الهاً اعلى لهم.
 
الهيئة الحيوانية لآمون :
 
1- آمون فى هيئة الاوزة:
 
ظهر الاله " آمون " فى المناظر المصورة فوق جدران المعابد والمقاصير والنصب المختلفه بهيئة بشرية تعلو رأسه الريشتين اللتين ورثهما من الاله "مونتو" اله الحرب واله مدينه أرمنت القديم ،وقد كان من ضمن الهيئات التى تشير الى " آمون " فى صورة خفية هى هيئة الاوزة التى ظهرت بجوار هيئته المسجلة فوق جدران المعابد ابتداء من الدولة الوسطى حتى الدولة الحديثة . واعتبرته النصوص هنا متساوً مع الاله " جب " الخالق الاول الذى يمثل عنصر الارض ، ويبدو ان ربط " آمون " بالاوزة يرجع فى جوهره الى مذهب طيبة حيث ذكرت متون المذهب (أن الاله الخالق خرج من المياه الازلية أعلى التل الازلى فى هيئة أوزة تصيح وعند صايحها بدء خلق العالم) وفى اشارة الى عملية خلق الاوزة للبيضه التى تحوى عنصر الحياة والبعث . 
 
2- آمون فى هيئة الكبش:
 
بداية من عصر الدولة الوسطى ارتبط المعبود " آمون " بهيئة حيوان الكبش ويبدو ان تلك الهيئة كانت لها اسبابها الجوهرية المعروفه لدى المصرى القديم آنذاك ، فالمصرى ربط بين هيئة " آمون " كأله خالق يشير الى الخصوبة والخلق والحياة التى يمنحها لكافة الموجودات ، فهم أشكال وصور منه ، خلقهم على شاكلته باعباره أباً للبشر أجمعين ، وصفة الخلق والخصوبة تلك كان لابد وان ترتبط بهيئة حيوانية معلومه لدى البشر وهى هيئة الكبش التى أثارت دهشة المصرى القديم فةى قدرتها الفائقه على الحياة والخلق والخصوبة ،فكانت تلك الصفات على وجه الاجمال هى الباعث الحقيقى وراء اتخاذ " آمون " هيئة الكبش ، وعبرت النصوص عن هيئة " آمون " على مقاليد الخلق واتخاذه صفات " جب " و " شو " فى هيئة الكبش حين ظهر وهو يمنح الحياة للملوك مثل " شو " تماماً ، ويهب نفس الحياه للبشر ، واعتبرت روح " آمون " متجسدة فى هيئة " او الهول " المؤلف من رأس الكبش ، كام اعتبر أيضاً الهاً للحرب والقتال متخذاً بذلك دور الاله " مونتو" اله مدينه أرمنت القديم الذى احتوى كافه صفاته الحربية ولقب بهذا بقلب " ثور امه " وقد ارتبط أيضاً بـ "رع" لقدرته الفائقه وبصفته " ثور امه " (نوت) السماء ، فهو رع الذى يلقح أمه كل يوم ليولد من جديد متخذاً بذلك صفة " جب ومين " معاً ، امعاناً فى تأكيد الخلود والميلاد المتجدد ، فقد لقب بلقب مزدوج وهو " آمون رع " كما سبق الذكر. ومن بين الهيئات المعروفة عن " آمون رع " بصوره الخالقه التى تقترب من هيئة الكبش فى الهدف والمعنى اتخاذ هيئة " الحية الناهضه " بدلاً من رأس الكبش وفيه إشارة واضحه الى التوحيد ما بين " رع " و " آمون " فى صورة الكبش ، فاستبدال الحية برأس الكبش تشير الى عملية الخلق التى يتميز بها الكبش الذى غدا الهاً للموتى فى كتاب الموتى وأصبح يطلق عليه جسد رع المتوفى. واعتبرت نصوص الدولة الحديثة " آمون " هو ذلك المعبود الذى يستطيع ان يتواجد أينما شاء ، ويستطيع ان يتخذ الهيئة التى يريدها ، وقد اعتبرت "آمونت" زوجته هى البقرة السماوية ، وتساوت بذلك مع " حتحور" وهو يشير الى طبيعة شمسية خالصة وأشير الى هيئة " آمون " التى اتخذ فيها رأس ثعبان فى مظهره كثعبان يستطيع ان يغير جلده البالى وكان الثعبان يرمز الى تجدد الحياة واستمراريتها ولذلك ظهر الربط بين " آمون " الاله المعبود المانح للحياة والذى يحيا للابد وبين هيئة الثعبان الرامزة الى الحياة واستمراريتها .
 
ويشير بعض الباحثين الى ان هيئة كبش " آمون " قد عبد فى مدينه طيبة بوصفه اله المدينه ، أما هيئة " آمون " التى ذكرت ضمن مذهب مدينة الاشمونين فقد اعتبر " آمون " المدينه " مدينه الاشمونين " (هرموبوليس)
وقد اعتبر بذلك ان هيئة الاله " آمون " المعبود فى طيبة هو الاله " آمون " بصورة الكبش التى ورد ذكره فى المذهب الطيبى، اما هيئة " آمون " مدينه الاشمونين فقد اعتبر من هيئات الثعابين التى اخذها ايضاً " آمون " فيما بعد.
 
هيئات كبش آمون :
 
صور المعبود " آمون " بأكثر من هيئة واحده فى صورة الكبش ، وربما يرجع ذلك الى انه قد اضيف عليه صفات علوية سماوية كآله يمكن ان يتخذ أكثر من هيئة واحدة وفى اى وقت ، وكان من تلك الهيئات التى اتخذها بهيئة الكبش ثلاث صور رئيسية وهى :
* فى هيئة بشرية برأس كبش.
* هيئة أسد رابض برأس كبش .
* فى صورة كبش خالصة.
 
ويبدو ان هيئته بصورة بشرية ورأس الكبش كانت معبرة عن المقدرة الخاصه التى ربط بينها المصرى القديم صفات الاله فى معبوده فى صورة بشرية ، وتلك الهيئة معتاده فى اغلب صور الالهه المصرية أن يؤلف من مظهر الانسان صورة آله ولكن يعطيه رأس الاله المعبود وليس هيئة رأس الانسان ، تلك الهيئة للآله " آمون " كانت قليله اذا ما قورنت ببقية هيئات " آمون " بصورة الكبش وهى عبرت أكثر عن " خنوم " الكبش الخالق اله 
مدينه {آلفنتين واسنا} أكثر مما عبرت عن " آمون " .
 
ومما هو معروف أن هيئة الكبش أضافت على " آمون " الدولة الوسطى والحديثة قداسة مفرطة ، كام ان مظهر " آممون الكبش " أشار الى قدرة فائقه لذلك الاله على الاخصاب ، وهى الصفه المميزة للكبش عند المصرى القديم فالماء الذى يقذفه الكبش من عضوه الذكرى يشير الى الحياة ولاخصوبة فالماء هو عنصر الحياه لذلك نجد النصوص تربط ما بين الكبش وعملية صب المياه فى النيل ، بل وربط تلك الكباش فى هذه العملية بآله النيل نفسه .
 
وعلى هذا يبدو ان اتخاذ " آمون " هيئة الكبش احدث من تلك الالهه الكباش امثال " خنوم" وكبش " منديس " وكبش " اهناسيا " وذلك لان شهرة " آمون " كآله دولة لم تظهر الا ابتداء من عصر الدولة الوسطى ، فى حين كانت تلك الالهه الكباش تنل من القداسة والعبادة بصورتها بهيئة كباش الاهتمام الاكبر كما اعتبرت الصفه الغالبة على تلك الكباش المعبودة هى صفة قذف الماء ، ويمكن الربط بين تلك المعبودات الكباش وبين المواقع التى عبدت فيها حيث وجد ان كافة تلك الكباش قد عبدت بالقرب من ينابيع مجارى المياه سواء فى أسوات ام اسنا ام اهناسيا والفيوم.
 
اما الاله " آمون " فقد عبد فى صور مختلفه وهيئات عديده تختلف عن هيئات تلك المعبودات حيث كانت صفة الكبش فى مظهره هى الاساسية لتلك المعبوادت فاننا لم نجد هيئة واحدة لــ " خنوم " بخلاف هيئته ككبش فى جسد انسان أو هيئة كبش خالصه وذلك بعكس المعبود " آمون " الذى اتخذ هيئات عديدة منها هيئة الكبش .
 
وقد تميز كبش " آمون " بهيئته التقليدية بالقرون الملتويه حول الاذنين وهو النوع المعروف فى الاراضى المصرية منذ الدولة الوسطى وبالتحديد فى عصر الانتقال الاول ولم يكن دخيلاً على الاراضى المصرية كما ذكر بعض الباحثين نسبه الى مناطق بآسيا الغربيه {شبه جزيرة سيناء الاسيوية} وخير مثال على صور كبش " آمون " تلك الهيئات الواصلة بين معبدى الاقصر والكرنك فى البر الشرقى بالاقصر والمعروف باسم طريق الكباش ، والتى جسدت " آمون " على هيئة اسد رابض برأس كبش ، وعبرت هيئة الاسد برأس الكبش على صفات خاصة بــ " آمون " فتضمنت صفات الحماية والقداسة من ناحية ظاهرية ثم ربطت ما بين المعبود " آمون " فى صورة الكبش وبين معبديه فى الاقصر والكرنك.وكذلك اعتبرت هيئة الكبش تمثل روح " آمون " الحية بين البشر وذلك بخلاف أهمية ذلك الطريق من الناحية المعمارية الفنيه التى تضفى على المكان الجلال والهيبة .
 
وكانت هيئة " آمون " بصورة اسد رابض ورأس كبش هى الهيئة الغالبه على تماثيله المنحوته ، اما هيئة الكبش الخالصه فقد كانت هى الهيئة السائدة 
فى المناظر المصورة فوق سطوح وجدران المعابد والمقابر والنصب ، وكانت هيئته بصورة الكبش الخالصه مميز الى حد بعيد، فقد كان يعنى بشكل خاص باظهار الخصيتين فى مظهره كحيوان اشارة واضحه الى المعنى الضمنى فى المقدرة الفائقه على الخصوبة والتناسل.
ومن أهم ما أظهر تلك الهيئة للمعبود " آمون " تلك اللوحه المحفوظة الآن بمتحف " برلين تحت رقم {7295} حيث مثل كبش " آمون " واقفاً يواجه هيئة أخرى لكبش " ىمون" مثل بنفس الهيئة الاولى فى ماوجهة بعضهما البعض ، ويتضح فيها القرون الملتوية الخاصة والمميزة لكبش " آمون " دون غيره من هيئات المعبوادت الكباش الاخرى ، ويجد بين الريشتين قرص الشمس ومن المعروف الريشتين هما فى الاصل ريشتين الآله " مونتو" رب مدينه أرمنت وقد احتواه " آمون " ويوجد بين الكبشين مائدة للقرابين فوقها اناء يعلوه زهرة اللوتس ويوجد من هيئات " آمون " بصورة الكبش تلك التى مثلت فوق مقدمة ومؤخرة مركبه المقدس فقد انتهت برأس الكبش اشارة الى تبعية تلك المركب " لآمون " وقداستها ، ومن بين الهيئات الطريفه الممثلة " لآمون " ما مثله بهيئة مزدوجة فقد مثل بجسد بشرى ورأس تمساح له قرنين اعلى القرنين قاعدة عليها ريشتين عاليتين وقد امسك بيده علامة الحياه {Cnh} ويده البشرية مبسوطة امامه ونشاهد تلك الهيئة فى معبد الاقصر وابى سمبل الكبير .
كما كانت تستخدم رأس الكبش كوحدة لقياس الارض عن طريق حبل فى نهاية طرفيه يوجد رأس الكبش نظراً لارتباط الكبش بخصوبة الارض ن وقد ظهرت ضمن أثار الملك " رمسيس الثانى " العديدة فى احدى تماثيله المحفوظة اليوم بالمتحف المصرى هيئة رأس كبش " آمون " منقوشة فوق الملك ويقبض بيده على أثار غطاءه على هيئة رأس كبش " آمون".وقد تملكت هيئة " آمون " بصورة كبش على عقول وقلوب القوم فاعتبره ملوك الاسرة الخامسة والعشرين ، الملوك ذوى الاصل الكوشى " رباً لهم " وأباً حامياً فأنتسبوا اليه وشيدوا له المعابد والصروح الضخمه وقد كان يوجد معبد عظيم فى مسقط رأس تلك الاسرة (نباتا) للاله " آمون"
 
واعتبر الكاشيون ان اصل " آمون " قد وجد فى جبل " برقل" ثم زحف ناحية الشمال ليستقر فى مدينة الاقصر ، وكلنا يعلم غزوة الملك " بعنخى" لمصر هو وجنوده ووصاياه المعبرة عن قداسة مدينة " آمون " وربها ، حيث اوصاهم بأن يتجردوا من السلاح فى رحابة معبد " آمون " فانه لا شجاعه بغير تآييد " آمون " لهم وان يصلوا اليه فهم جاءوا كحجاج لمعبده وليس غزاة طامعين .
 
 
علاقة كبش آمون بالملك :
 
بدأ نجم " آمون " فى الظهور عقب اعتلاء العرش الملك " أمنمحات الاول" الذى جعل منه المعبود الرسمى فى البلاد ويشير بعض الدراسين الى ان ملوك الاسرة الحاديه عشرة اتبعوا المعبود " مونتو" اله مدينة ارمنت والتى كانت تتبع ادارياً مدينة طيبة ، وعليه فقد كان " مونتو" يعبد بطيبة ايضاً بجانب " آمون " كآله ثانوى مغمور ويبدو ان اصل ملوك الاسرة الحادية عشرة يرجع الى مدينة ارمنت مقر قيادة عبادة " مونتو" لذلك جعلوا منه الاله الرسمى للبلاد عقب توحيدها بعد عصر الانتقال الاول وبالتالى يكون ملوك الاسرة الثانية عشرة لهم أصول طيبية حيث كان " آمون " الهاً مغموراً بها كعضو من أعضاء ثامون طيبة الخالق فانتخبوه ليصبح الاله الرسمى للبلاد بدءاً من عصر الملك " أمنمحات الاول " 
وقد شيد ملوك الاسرة الثانية عشرة المقاصير والهياكل بمعابد طيبة ومجدوا ابيهم " آمون " فى صوره المختلفه كآله خالق ، وفى صورته ككبش ناهض وافتخروا بانهم من صلبه يحاربون ويحكمون البلاد بوحى منه ن وقد اعتبر المعبد " آمون " فى الدولة الحديثه واهب الحياه للآلهه والبشر أجمعين .
كما انتسب اليه الملوك بالبنوة واعتبرته النصوص واهباً للملك القوة الخارقه ليتولى باذنه على البقاع الاجنبية بما فيها من نعنم وخيرات حسان لتكون منتجاتها قرابين تقدم للمعبود فى قدس الاقداس وفوق موائد قرابينه بمعابده الواسعه وقد اعتبر مانحاً الملك الابدى للفرعون فى الحياة والممات كملك للموتى .
ولم يكن " آمون " اباً للملك وحده بل اعتبر ايضاً اباً للبشر أجمعين فهو خالقهم وهو جزءاً منهم فصورته النصوص كراعىً للشعب ووصف بأنه ذلك الوزير المدافع عن الفقراء كأب للفقراء أجمعين يراعهم ويقلق عليهم
 
 
وهو الذى وهبهم نفس الحياة وثبت الضوء فى أعينهم لكى يسعوا فى الارض ويضربوا فيها ان شاءوا . 
وقد اعتبر وحى آمون هو الذى يفصل بين المتنازعين حيث يقوم الكاهن المسئول عن اقرار وحيه بحمل هيئة الكبش فوق " محفة " امام المتنازعين ويعرضوا أمامه فيظهر الوحى الحق ، ويقره ويقضى على الباطل ، وبذلك فقد فصل بين الناس كما كان يختار الفرعون الذى يعتلى الحكم وذلك عن طريق توقف هيئة الآله أمام الفرعون الاعظم الذى اقره الاله ، وقد غدا موقف كهنة " آمون " حرجاً عقب هجر " أمنحوتب الرابع " {اخناتون} مدينة أمون (طيبة ) وينشىء عاصمته الجديدة {تل العمارنه } بمصر الوسطى ، ولكن سرعان ما قضى على تلك الفتنه وبقى سلطان "آمون " فى عهد الملك " حور محب " وقد علل الكهنه ذلك بأن الملك الذى كان يحكم بأسم " آمون " قد وهب عاصمة شمالية وانه لذلك قد أصبح من المفروض على الملوك أن يرشحوا احدى بناتهم لتصبح كبيرة كهنة " آمون " . 
ويبدو ان ذلك كان بهدف سياسى للسيطرة على مقاليد الحكم سياسياً فى يد الملك ودينياً فى يد ابنته كبيرة كهنة " آمون " ولعل الازمة التى أحدثها " امنحوتب الرابع " قد جعلت الملوك يفطنون الى قوة مركز كهنة " آمون " وانهم اصبحوا شوكة لا يسهل السيطرة عليها بالقوة لذلك انشأ الملوك تلك الوظيفة للسيطرة على مقاليد الامور .
 
 
تأثير كبش آمون على المعبودات الاخرى : 
 
كانت شهرة " آمون " كاله خالقاً مهيمناً على حياة البشر مرتكزة فى ذهن المصرى القديم كما كانت صفته السامية وقدراته المتعددة دافعأ أساسياً الى توحده فى الهيئة مع عدد من المعبودات التى اراد المنتسبون اليها او حتى الكهنة ان تكتسب بعض من صفات " آمون " كمعبود خالق وخاصة هيئته فى صورة الكبش التى تميزت كصفة لصيقة بــ " آمون " وهيئة واضحه للناظر تبين مدى قدرته دون الحديث عنها لذلك وجد ان هيئة كبش " آمون " قد مثل بها عدد من المعبودات الخالقة مثل " رع حور اختى " اله الافق الذى ينشر النور ويطرد الظلام ويحمى البشر من الآفات الشريرة ليلاً ، ثم المعبودات التى اعتبرت حامية للبشر من مخاطر المجهول ومساعده لمراكب الشمس فى رحلتها الليليه ، وتوحد كذلك مع كلا من {خونسو،وخنوم } فى صورة الكبش ، ولم تأخذ تلك المعبودات صورة كبش " آمون " فقط وإنما امتد ذلك التقليد على الهيئات البشرية كما وجد
بعض من الهيئات البشرية لافراد وليس معبودات ، وكذلك ملوكاً ينتسبون الى المعبودات بشكل او بآخر كان يتضح على النحو التالى : 
 
أ)آمون ورع حور أختى فى هيئة الكبش:
 
اشارت المناظر المسجلة فوق جدران معبد وادى السبوع الذى شيده رمسيس الثانى الى صورة " رع حور آختى" بداخل مقصورة الزورق المقدس مصوراً بهيئة رأس كبش " آمون " ذى القورن الملتوية وبيده يقبض على صولجان الحكم الالهى . "W3S"
وأشار ذلك التداخل الى حقيقه تدل على توحد المعبودين فى صفات الخلق والحياة فــ " آمون " اله مبعوث الارض ، والبشر يراعاهم ويمدهم بالحياة ، و"رع حور آختى " هو ذلك المعبود الذى يضئ للبشر دنياهم الاولى والثانيه ، فاصبحت طبيعة الخلق والحياة تلك هى الباعث على توحد كلا المعبودين فى الهيئة ، كما ان طبيعة الامتزاج الواضحه فى الديانه المصرية كانت هى المحول الرئيسى لذلك ،فقد تداخلت صفات وهيئات المعبودات المصرية القديمه كما يتضح ذلك فى معظم مناظر الالهه المصورة فوق جدران المعابد والمقابر .
ب) آمون وست فى هيئة الكبش :
كان ظهور " ست " فى هيئة كبش " آمون " امراً مميزاً ولكن تصويره فى صورة بشرية أمراً وارد ضمنتقاليد الديانه المصرية القديمة ، فقد صور وتصور المصريون آلهتهم فى هيئات البشر تماماً يحيون ويموتون مثله ، ولكن أرواحهم هى التى تظل كامنة بين البشر فى الحياة الدنيا .
لذلك وجد أن " ست " قد أصبح ممثلاً بهيئة قرون " آمون " الملتوية ومتوجاً بتاج الوجهين وذلك فى أحد التماثيل البرونزية التى تؤرخ بعصر الأسرة التاسعه عشرة ، ويوجد التمثال اليوم بمتحف {كوبنهاجن} ، ويتضح من ذلك التمثيل التوحد فى الطبيعة بين " آمون " الكبش و " ست " الذى اعتادت المناظر تصويره فى صورة بشرية بهيئة رأس حيوانه القديم ولكن تلك الهيئات مثلته بهيئة كبش " آمون " وهو شىء مقصود به الاشارة الى المعبودين فى صورة واحدة خاصة فى عصر الأسرة الـتاسعة عشرة والتى أعتبرت " ست " معبودها الأول لذلك قد تم التوحد بين المعبودين ارضاء لنزعات الغرور من قبل كهنة " آمون " بطيبة وكذلك للحفاظ على الاستقرار بالبلاد . 
 
ج ) خنسو فى هيئة كبش آمون :
ظهرت مناظر عديدة للمعبود " خونسو " الذى اعتبر معبوداً للقمر ، وابناً " لآمون " و " موت " فى معبد الأقصر فى هيئة رأس كبش " آمون " وذلك فى رحاب معابد الأقصر والكرنك فمن تلك المناظر ما صوره فى هيئة مومياء وهو التصوير التقليدى له فى عصر الدولة الحديثة جالساً فوق العرش ويقبض بيديه على الصولجان ومرتدياً فوق رأسه قلنسوة " آمون " التى تعلوها الريشتين العاليتان وقد سجل فوقه بالكتابة المصرية القديمه (خنسو فى طيبة نفر حتب) ،وأشار ذلك التصوير لـ " خنسو " الى الصلة بينه وبين " آمون " كمتمم لثالوث طيبة وكمعبود ارتبط بـ" آمون " فى صورة قمر منير ليلاً فى حين أصبح " آمون رع " هو الشمس الساطعه صباحاً حتى وقت الغروب ، ولذلك فقد توحدا معاً فـ " آمون " يضئ الأرض نهاراً ، و " خنسو " يحمل تلك المسئولية لياً ولذا ظهر " خنسو " فى هيئة كبش " آمون " ليؤكد ذلك الربط بينهم . 
د ) آمون وهيئة خنوم :
كانت طبيعة " آمون " كآله خالق للبشر باعثاً أساسياً الى التوحد بينه وبين المعبود " خنوم " الآله الخالق أيضاً فقد ظهر ذلك فى أحد هيئات " خنوم " فى قرونه المفرودة والقرون الملتفه معاً ، وفيه اشارة الى توحد " آمون وخنوم " معاً فكما كان " خنوم " المفرودة اشارة الى التوحد الوظيفى بين كلاً من المعبودين .
واتضح بذلك أن هيئة كبش " آمون " قد صارت ضمن الهيئات التى تصور بها المعبودات الخالقة والتى أشارت لها النصوص بأعتبارها مصدر الخلق والخصوبة والبعث ولم يكن ذلك فقط ولكن تعدى " آمون " مرحلة تصوير تلك الهيئات الآلهية الى الهيئات البشرية.
 
 
 
 
آمون الكبش والهيئات البشرية :
 
ظهر الى جانب هيئات المعبودات المختلفه التى أخذت مظهر شكل كبش " آمون " هيئات أخرى بشرية تمثل أفراداً وليس معبودات كما هو المعتاد وذلك يشير الى مدى الشهرة والهوس الآمونى بين الناس وخاصة فى عصر الدولة الحديثة ومنها ما يمثل الملك " آمونحوتب الثانى " جالساً فوق عرشه ويعلو رآسه تاج الأنف فوق النمس الملكى ، ويشير ذلك الى ان الفرعون هو حامى شعبه ومزوده بالمؤن وواهبه الحياة مثله فى ذلك مثل " آمون " الخالق وبذلك فقد أشار توحيد صورة الفرعون بهيئة " آمون " ككبش الى فكرة تتجسد فى الحماية والخصوبة والحياة التى يكفلها " آمون " كمعبود خالق انتقلت منه للفرعون الذى صور بهيئته .
 
بعض أساطير آمون :
1-أسطورة نشأة الخليقة:
لقد قيلت أسطورة عن نشأة الخليقة تبعاً لتعاليم طيبة أى التى تأثرت بمدينة الأشمونين تذكر أن الدنيا كانت [حينما خلقت الآلهه الثمانية] لا تزال فى ظلام وأن هذه الآلهه الثمانية أندفعت مع تيار المياه الأزلى الى الأشمونين أو{وصلت الى منف أو الى هليوبوليس} وهناك خلقت الشمس ثم رجعت الى طيبة ولما تمت صنعها بخلق العالم انتهى أمر وهناك خلقت الشمس ثم رجعت الى طيبة ولما تمت صنعها بخلق العالم انتهى أمرها ولحقت بالثعبان (كم ات اف ) " أى الذى أكمل زمانه ويعتقد أنه آمون " فى عالم الموتى بطيبة حيث استراحوا فى مكان معبد صغير بمدينة " هابو " وكان " آمون " يزورهم كل عشرة أيام ، فلم تكن فكرة موت الاله غريبة لدى المصرى بل كانت شيئاً مألوفاً فى تفكيره ، وجعل ذلك أن " أوزريس" أى أن جسد " آمون " فى الدنيا السفلى كان " أوزريس " وكان " آمون " هو الروح الذى يزور هذا الجسد أى أنه كان كأله الشمس عند تجواله فى الدنيا السفلى أثناء الليل حيث يزور جسده أزوريس . 
 
2-أسطورة الملكة حتشبسوت وأبيها آمون:
وجدت هذه النقوش على جدران معابد طيبة من عهد الدولة الحديثة ، وكان الآله بالطبع هو " آمون " وتقول هذه القصة الخرافية :" أن آمون أراد ان ينجب ملكاً يقوم بتشييد منازل للآلهه وتكثر على يديه القاربين التى تقدم لها وهو يعلن هذا الى الآلهه أجمعين الذين يعدونه بحماية الملك المرتقب ويبدو أن الآله آمون قد رأى شابة وجد فيها غايته فأرسل المعبود تحوت لكى يستعلم عنها وعن أحوالها فرجع تحوت وأبلغه ما يأتى : (هذه الشابة التى تحدثت لى عنها اسمها " أحمس " وهى اجمل من أى امرأة فى البلاد وهى زوجة الملك تحوتمس الاول) وعندئذ تقمص آمون شكل زوجها تحوتمس وقاده تحوت الى الملكة التى وجداها مستلقية تستريح فى قصرها اجميل فأستيقظت الملكة على عبير الآله وضحكت لجلالته فتوجه اليها الآله وجسده يحترق بنار الحب وأفصح لها عن نيته وأظهر لها جماله الآلهى ... ففرحت عندما رأت جماله هذا وامتلأ جسمها بحبها له وغمر عبير الآله جو القصر وكأن عطره الذكى من بلاد البخور ".
وأتم الملك معها كل ما أراد وتركته يسعد بها وقبلته ، ثم تحدثت الملكه أحمس قائلة : " ياسيدى ، ما اعظم قوتك ، وما أحلى أن يرى الانسان جمال طلعتك ، لقد أسبغت على جلالتى من عظمتك ، فتسرب نداك فى كل أعضائى " وبعد ان أتم جلالة هذا الاله كل ما أرااده معها تحدث آمون اليها قائلاً : " خنمت آمون حتشبسوت " هو أسم هذه الابنة التى وضعتها فى جسدك وذلك تبعاً للكلمات التى نطقت بها الآن ".